فضل شهر رمضان
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم
انسلخ قبل أن يُغفر له, ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه
الجنة" (رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع 3510).من رُحم في شهر
رمضان فهو المرحوم, ومن حُرم خيره فهو المحروم, ومن لم يتزود فيه لمعاده فهو ملوم.
أتى رمضان مزرعة
العباد * * لتطهير القلوب من الفساد
فأد حقوقه قولا
وفعـــلا * *وزادك فاتخذه للمعــاد
فمن زرع الحبوب وما
سقاها * *تأوه نادما يوم الحصـاد
يا من طالت غيبته عنا, قد قربت أيام
المصالحة, يا من دامت خسارته قد أقبلت أيام التجارة الرابحة, من لم يربح في هذا
الشهر ففي أي وقت يربح ؟ من لم يقرب فيه من مولاه فهو على بعده لا يبرح.
أناس أعرضوا عنـا *
*بلا جَرم ولا معنى
أساءوا ظنهم فينـا *
*فهلا أحسنوا الظنا
فإن عادوا لنا عُدنـا * *وإن خانوا فما خُنا
فإن كانوا قد
استغنوا * *فإنـا عنهم أغنـا
كما ينادى : حي على الفلاح وأنت
خاسر ؟ كم تُدعى إلى الصلاح وأنت على الفساد مثابر ؟!
إذا رمضان أتى
مُقبلاً * *فأقبِل فبالخير يُستقْبل
لعلك تُخطِئه
قابـلاً * *وتأتي بِعُذرٍ فلا يقبل
كم ممن أمل أن يصوم هذا الشهر فخانه
أمله, فصار قبله إلى ظلمة القبر. كم من مستقبل يوماً لا يستكمله, ومؤمل غداً لا
يدركه، إنكم لو أبصرتم الأجل ومسيره, لأبغضتم الأمل وغروره.
خطب عمر بن عبد العزيز آخر خُطبة خَطبها, فقال فيها : إنكم لم تخلقوا
عَبثاً, ولن تتركوا سدى, وإن لكم معاداً ينزل الله فيه للفصل بين عباده, فقد خاب
وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء وحُرم جنة عرضها السماوات والأرض.
ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين, وسيرثها بعدكم الباقون ؟ كذلك حتى ترد
إلى خير الوارثين. وفي كل يوم تشيعون غادياً ورائحاً إلى الله قد قضى نحبه, وانقضى
أجله, فتُودعونَه وتَدَعُونَه في صدعٍ من الأرض غير مُوسَد ولا مُمَهد, قد خلع
الأسباب وفارق الأحباب وسكن التراب, وواجه الحساب, غنياً عما خلف, فقيراً إلى ما
أسلف, فاتقوا الله عباد الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقيته, وإني لأقول لكم هذه
المقالة وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما أعلم عندي, ولكني أستغفر الله وأتوب
إليه، ثم رفع طرف ردائه وبكى حتى شهق, ثم نزل فما عاد إلى المنبر بعدها حتى مات
رحمة الله عليه :
يا ذا الذي ما كفاه
الذنب في رجبٍ * *حتى عَصَى الله في
شهر شعبانِ
لقد أظلكَ شهرُ
الصومِ بَعدهُمــا * *فلا تُصيره أيضاً شهر عصيانِ
واتلُ القرآنَ وسبِح
فيه مُجتهــداً * *فإنهُ شهرُ تسبيحٍ
وقُــــرآنِ
واحْمِل على جسدٍ
ترجو النجاة له * *فسوف تُضرَم أجسادٍ
بنيــرانِ
كم كنت تعرف مِمَن
صامَ في سلفٍ* * من بين أهلٍ وجيران
وإخـوانِ
أفناهُمُ الموتَ
واستبقاك بعدهُمُ حياً * *فما أقربَ القاصي من الدانـي
ومعجب بثيابِ العيد
يُقطِعُهـا* *فأَصبحَت في غدٍ أثوابَ أكفانِ
حتى متى يُعمر
الإنسان مسكنه * *مصير مسكنه قبر
لإنســانِ
(بتصرف من كتاب لطائف المعارف لابن
رجب الحنبلي ص 281-282).
عن سلمان
الفارسي ـ رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: آخر يوم من شعبان فقال : "يا أيها الناس !
قد أظلَّكم شهر عظيم ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، جعل الله صيامه فريضة وقيام
ليله تطوعاً ، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى
فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ، وهو شهر الصبر ، والصبر ثوابه
الجنة وشهر المساواة ، وشهر يزاد فيه رزق المؤمن ، ومن فطر فيه صائماً كان مغفرة
لذنوبه ، وعتق رقبته من النار ، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء .
قالوا: يا رسول الله ! ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم قال : يعطي الله هذا الثواب من
فطر على مذقة لبن ، أو تمرة ، أو شربة ماء ، ومن أشبع صائماً سقاه الله من الحوض
شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة ، وهو شهر أوله رحمة ، وأوسطه مغفرة ، وآخره عتق من
النار ، فاستكثروا فيه من أربع خصال ؛ خصلتان ترضون بهما ربكم ، وخصلتان لا غنى
بكم عنهما ، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم : فشهادة أن لا إله إلا الله ،
وتستغفرونه ، وأما الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما ؛ فتسألون الجنة ، وتعوذون من
النار،ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل
عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله: إلا الصيام فهو لي
وأنا أجزي به يدعْ الطعام من أجلي ويدع الشراب من أجلي، ويدع لذته من أجلي، ويدع
زوجته من أجلي، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتان:
فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه". رواه البخاري برقم (1883) ، باب هَلْ
يَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ إِذَا شُتِم، ومسلم برقم (2659)، باب فضل الصيام .
عن أبي هريرة
– رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:: "أتاكم رمضان شهر
مبارك. فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم،
وتغلّ فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد
حرم". رواه أحمد والنسائي وإسناده صحيح رواه أحمد (9/225، 226 الفتح
الرباني)، والنسائي (4/129) انظر: تحقيق أحمد شاكر للمسند رقم (7148) وصحيح
الترغيب للألباني (1/ 490) وتمام المنة ص395.
مضى رجبٌ
فما أحسنتَ فيه * * وولَّى شهرُ شعبان المبارَكْ
فيا مَن
ضيَّع الأوقاتَ جهلاً * * بحُرمتها
أفِقْ واحذر بوارَكْ
فسوف
تُفارق اللذاتِ قسراً * * ويُخلي
الموتُ كُرْهاً مِنك دارَكْ
تدارَكْ
ما استطعتَ مِن الخطايا * * بتوبةِ
مُخْلِصٍ واجعلْ مدارَكْ
على طلب
السلامة مِن جحيمٍ * * فخير ذوي الجرائم
مَن تدارَكْ
لا
حرمني الله وإياكم أجر الصيام والقيام, ومرضاة الملك العلام , وغفر لنا الذنوب ,
وستر لنا العيوب , وطهر لنا القلوب , وجعل الجنة مثوانا , ونعيم الرحمن مؤانا ,
ورزقنا التوبة النصوح الخالصة .